منصة تاء ـــ متابعات

عند الحديث عن المرأة اليمنية ونضالاتها في سبيل انتزاع حقوقها السياسية والحقوقية والمدنية، تبرزز عدد من الأسماء لناشطات كان لهن بصمتهن الخاصة في هذا السياق، وبلاشك فإن اسم هذه السياسية والناشطة المدنية يحتل مكانه في صدارة هذه الأسماء نتيجة حضورها الطاغي في الميدان السياسي والمدني، وهو الحضور الذي سجلته مبكرا لتتبوأ اليوم أعلى منصب حزبي تحتله امرأة في تاريخ الأحزاب السياسية اليمنية.

 

إنها الأستاذة “رنا غانم” التي تحفل سيرتها العملية بالعديد من المناصب التي وصلتها بجدارة بعد مسيرة نضالية أكسبتها سيرة “محترمة جدا” في مضمار العمل في ميادين العمل السياسي والحزبي والمجتمع المدني والعمل النسوي.

 

في الجانب السياسي والحزبي تحتل “غانم” منصب الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري للشؤون الخارجية، وعضو الوفد الرسمي لمحادثات السلام اليمنية في اجتماعات السويد وجنيف، وعضو الفريق الإستشاري لوفد الحكومة في مباحثات الكويت، كما أنها عضو مؤتمر الحوار الوطني، ونائب رئيس فريق بناء الدولة، وعضو الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهي أيضا عضو مؤتمر الرياض.

 

في ميدان العمل المدني تحتل “غانم” عددا من المواقع أبرزها عضو شبكة التضامن النسوي، وعضو في شبكة أصوات السلام النسوية وعدد من التكتلات والتحالفات النسوية والحقوقية، ولها عدد من الدراسات والأبحاث أخرها بحث حول “العنف ضد النساء في السياسة” بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

 

ترى “غانم” في حديثها لبرنامج “النساء والسلام” والذي تبثه قناة “السعيدة” أن المرأة اليمنية يجب أن تكون في البداية حاضرة في طاولة المفاوضات في الطاولة الرسمية في المسار الأول للمشاروات السياسية، لأنه من دون حضور المرأة في هذه الطاولة ستغيب عن ذهنية المتفاوضين وذهنية أطراف الصراع الموجودة على الطاولة، فوجود المرأة في طاولة المشاورات له أهمية قصوى لأنه استحقاق لحقها كامرأة.

 

من وجهة نظر “غانم” لابد من الربط بين المسارات التي تنشط وتناضل المرأة اليمنية فيها، وتضغط النساء بشكل أكبر لنيل مزيد من الحقوق وأن لا تفرط بما كُن قد صنعنه النساء اليمنيات من إنجازات في مخرجات الحوار أو مسودة الدستور اليمني تحديدا. تحتاج النساء أيضا لأن يكن متابعات أولا بأول لما يدور في العملية السياسية، وأن يكن قادرات على الحصول على المعلومة ومناقشتها وطرح الأفكار مثلهن مثل السياسيين، والذين يديرون الحوار ونقاشاتهم في الأماكن المغلقة. إذ لا بد أن تقتحم النساء هذه الأماكن المغلقة وأن يكن موجودات بفعالية وقوة.

 

عن رؤيتها لوجود المرأة اليمنية في العمل المدني تؤكد “غانم” أن المرأة موجودة وتعمل في المجتمع المدني، والمرأة اليمنية نشطة جدا في المجتمع المدني، وتقدم صور رائعة، وتحتاج أيضا أن تكون في المجتمعات المحلية كذلك. وهناك أدوار كبيرة تقوم بها النساء على مستوى المحليات، والجميع سمع عن أفكار ومشاريع وتضحيات قدمتها المرأة اليمنية.

 

وجهة نظر “غانم” في أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية يتلخص في “أن مشاركة النساء في الأحزاب السياسية مهمة جدا، فكيف نمارس سياسة دون أن تنخرط النساء في العمل الحزبي؟ فمن المهم انخراط النساء في الأحزاب السياسية، وأعتقد أنه أحد العوامل الهامة لإشراك فاعل للنساء، وأن يُدخلن إلى الأحزاب السياسية لا كأرقام فقط، بل يجب على النساء أن يناضلن داخل هذه الأحزاب وأن يصلن إلى مستويات قيادية عليا تمكنهن من رسم سياسة هذا الحزب، وتمثيل هذا الحزب، وأن يكوِّن صوتاً للحزب السياسي وللأحزاب السياسية في اليمن.

 

تؤمن “غانم” أنه لا يمكن للمجتمع أن يسير برجل عرجاء، فوجود النساء في مواقع صنع القرار يعني أن هذا المجتمع سوي، يعني أن هذا مجتمع يسير بقدمين ويرى بعينين ويعمل بكلتا يديه، فمن الصعوبة أن تجدي رجلا يمنيا أو حتى شرقيا لديه هذا الإيمان العميق بالمدنية، وأنه لا يمكن أن تكون دولة مدنية وأن تكون ديمقراطية إلا بمشاركة حقيقية فاعلة للنساء. ومن هنا نقول أيضا إنه تحتاج النساء إلى النضال لانتزاع هذه الحقوق داخل الأحزاب بمزيد من الإصرار والمواصلة والاستمرار، وإن تأتِ متأخرة أفضل من أن لا تأتي.

 

نظرة “غانم” إلى المرأة اليمنية أنها امرأة قوية ومرنة، وهي قادرة أن تستوعب الظروف الاجتماعية والتقاليد والحياة السياسية والاجتماعية والثقافية الموجودة في اليمن، وقادرة على أن تتكيف مع هذه الظروف جميعها وأن تظهر بشكل لائق وبشكل قوي يلبي طموحات اليمنيات. ما عليها هنا إلا النضال، وأحد بوابات النضال هي من الأحزاب وإن ضعفت هذه الأحزاب في هذه المرحلة، وإن رأينا الأحزاب مهلهلة فهي انعكاس لواقع ما نعيشه اليوم في المجتمع اليمني من تشرذم حتى على مستوى الأسرة، فالحرب أتت على الأخضر واليابس وبما في ذلك واقع الأحزاب.

 

وتشير “غانم” في هذا السياق إلى أن الأحزاب هي البوابات الحقيقية لممارسة السياسة في اليمن، وما علينا إلا تقويتها، ويجب أن تكون إحدى الوسائل والأساليب هي بناء هذه الأحزاب ولملمتها؛ لأنه بدون الأحزاب ستتقوى القبيلة والطائفة والعشيرة والمذهب. هذه الأشياء التي تقوى (في غياب الأحزاب)، وكلها تكون ضد مدنية الدولة وديمقراطيتها والعكس يحدث عندما تقوى الأحزاب السياسية.

 

وترى “غانم” أن هناك تحديات تواجه المرأة في ميدان السياسة، فالمجتمع اليمني فيما يتعلق بالفجوة الجندرية، الفجوة ما بين الجنسين الذكور والإناث نحن في آخر السلم تماما، آخر دولة في الفجوة الجندرية هي اليمن. فما بالك عندما تأتي المرأة وتتحدث بالسياسة. دائما شعوب العالم الثالث والمجتمع الشرقي لا يزال يرى مجتمع السياسة أو الحديث في السياسة حكرا على الرجال. يمكن المرأة أن تكون طبيبة، مدرسة، تعمل في وظيفة معينة، بالكاد يقبلوها في العمل السياسي وكأنه حكر على الرجال، ومن هنا يأتي الهجوم على النساء، أولا أنت مختلفة، مختلفة في الرأي، وبالتالي تُهاجمين ولا يسندك إلا من كان رأيه معك، والشيء الثاني تُهاجمين لأنك امرأة. هناك من سيقول هذه تروح تطبخ… لا نزال (عالقين) في مسألة الأدوار بين النساء والرجال، وما الذي يحق للنساء.

 

الإيمان بالمساواة الحقيقية وأننا كلنا شركاء في هذا الوطن وكلنا من حقنا أن نعمل على بنائه ورسم سياسته ورسم منهجه القادم، وهذا يحتاج نضال لا يزال طويلا.

 

أنجزت “غانم” دراسة حول العنف الموجه ضد النساء في السياسة، وفي هذا الصدد تقول “غانم”: أنا بنت اليمن وأنا بنت السياسة ومن قلب المجتمع اليمني، لكني صُعقت بحجم التنمر الذي تواجهه كثير من النساء اليمنيات، ليس الحزبيات فقط وإنما حتى المستقلات نتيجة آرائهن السياسية. فوجئت الآن في وسائل التواصل الاجتماعي في الفيسبوك، هناك حالات من التنمر الرهيبة التي واجهت النساء، كثير من النساء في البداية حصلت لهن مثل الصدمة، بالذات من يعانين من تنمر شديد داخل وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك عما رأيناه من تنمر في سجن النساء من تعذيب النساء نتيجة المواقف السياسية.