هنادي أنعم : منصة تاء

 

بسبب رفضها الزواج من أحد أقاربها، تعرضت ”سمية” لضرب مبرح بعصا حديدية من قبل شقيقها الذي اعتبر رفضها دليلا على ارتباطها بحب رجل آخر، ليقدم على ضربها بعنف ما اضطر لإسعافها إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد تعرضها للضرب المباشر في الوجه وأجزاء مختلفة من جسدها.

 

بنبرة حزن تتحدث سمية لــ”منصة تاء” عن ذلك بالقول ”داخل أسرتي دائما ما أتعرض للعنف اللفظي حيث أتعرض للسب والشتم من قبل والدي واخوتي لمجرد إبدائي الرأي من أي قضية، ويقولون لي إني بنت والبنت لازم تصمت، وحين تقدم لي ابن عمي قلت لهم إني لا أريده لأني أنظر إليه كأخ، لكن لم أكن أعرف أن رفضي لهذا الزواج سيجعل أخي يضربني، وشفت الدم يخرج من أنفي وفمي، قبل أن يتدخل عمي ويسعفني للمستشفى”.

 

وقد تزايد العنف الأسري الذي تتعرض له النساء اليمنيات مؤخرا، حيث شهدت معدلات العنف الأسري ضد النساء اليمنيات مستويات قياسية، وذلك بسبب التداعيات الاجتماعية والآثار النفسية التي أنتجتها الحرب المندلعة في البلاد منذ مارس 2015 ، والتي تسببت في غياب مؤسسات الدولة، وتعطيل القوانين وغياب منظمات الحماية.

 

في حديثها لــ”منصة تاء” تؤكد الناشطة الحقوقية المحامية لبنى القدسي أن صور العنف الممارس ضد النساء تزايد بشكل كبير خلال فترة الحرب حيث تعرضت الكثير من النساء لأشكال العنف المختلفة، في الإطار العام وفي الإطار الأسري، سواء العنف اللفظي أو العنف الجسدي وهو ما ضاعف من معاناة النساء وأوجاعهن”.

 

وتتحدث التقارير الحقوقية أن العنف ضد المرأة ازداد بنحو 63% منذ تصاعد النزاع في 2015 ما يعد مؤشرا على تزايد الاجراءات التمييزية بحق النساء في اليمن وتفاقم العنف الممارس ضدهن، في ظل غياب القوانين التي توفر الحماية اللازمة للنساء.

 

وفي هذا الصدد ترى ”القدسي” أننا نفتقر إلى وجود قانون لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، ولذا نجد الكثير من الناس يتمادى في ممارسة العنف ضدهن لعدم وجود ما يردعهم، فصحيح أن هناك بعض المواد القانونية تجرم بعض أنواع العنف، لكن ما يزال هناك قصور في التشريعات، وهناك إفلات من العقاب وعدم توفير حماية للضحايا من النساء، لذا من المهم جدا أن يكون هناك قانون يجرم العنف ويتصدى لكل أشكاله، ويتخذ تدابيرا وقائية لعدم وقوعه أو عدم تكراره، وأيضا يحدد العقوبات كي لا يفلت الجاني من العقاب ويردعه، ويقدم هذا القانون الحماية الكافية للضحايا من النساء والفتيات”.

 

وقد أثرت الحرب على آليات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وعلى دعم العدالة الجنائية لهن، حيث تسببت في غياب الشبكات المجتمعية المحلية التي تقودها النساء، وهو ما ضاعف من حالات تعرض النساء للعنف الذي ياخذ أشكالا متنوعة وجوانب مختلفة.

 

وعن دور المنظمات المحلية والدولية في هذا الجانب، تشير ”القدسي” إلى أن هناك منظمات قليلة جدا تقدم العون للنساء المعنفات ولكن بشكل بسيط، وربما هي مشاريع تمول لفترات قصيرة وتنتهي، وتكون الاستفادة منها محددة وقليلة، وبعض المنظمات ربما تستفيد من وراء قضايا النساء وما يصل للحالات المستهدفة من النساء إلا الفتات، وللإنصاف فإن اتحاد نساء اليمن بفروعه بالمحافظات ربما هو الوحيد الذي يعمل بشكل كبير في مساعدة ضحايا العنف، ويقدم الخدمات القانونية والقضائية لهن، ونحن نعرف أن الضحية التي تعرضت للعنف تحتاج إلى الحماية وإلى الخدمات التي تساعدها على تجاوز آثار العنف سوى كانت الخدمات صحية أو نفسية أو اجتماعية أو قانونية أو قضائية”.

 

ويعد العنف الأسري ضد النساء اليمنيات من أبرز القضايا التي تواجه الحركة النسوية اليمنية، حيث تعد الظاهرة التي تزايدت في زمن الحرب ظاهرة قديمة في المجتمع، نتيجة عدد من العوامل الاجتماعية في مجتمع ذكوري وقبلي يهيمن على المرأة من خلال الخطاب الديني والثقافي الذي يصف المرأة بأنها ناقصة عقل ودين.