هبه المقطري : منصة تاء
لم تتوقع الطالبة الجامعية “فرح” أن أسرتها ستقوم بمصادرة تلفونها المحمول بعد معرفة الأسرة أن ابنتهم قامت بعمل حساب شخصي لها في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” والاشتراك في تطبيق “واتساب” حيث رأت أنهما من متطلبات دراستها الجامعية للتواصل مع زميلاتها ومعرفة كل جديد يتعلق بمحاضراتها الدراسية.
اشتراك “فرح” في مواقع التواصل الاجتماعي كان بمثابة خطيئة من وجهة نظر أسرتها التي ترى أن مواقع التواصل الاجتماعي تمثل بيئة إفساد للمرأة كون هذه المواقع تسمح لها بالاختلاط مع الرجال، وتبادل الحديث معهم، وكذا تبادل الصور والفيديوهات بعيدا عن رقابة محارمها.
ومع قيام أسرة “فرح” بمنعها من استخدام الموبايل فقد وجدت نفسها فريسة لحالة من الاكتئاب واهتزاز ثقتها بنفسها والشعور أنها لا تملك شخصيتها المستقلة ما فاقم من سوء وضعها النفسي.
ويمثل الذكور في اليمن النسبة الأكبر من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن الثقافة الذكورية لا تزال تمنع النساء من الاشتراك في هذه المواقع وخاصة في الأرياف، كما أن نسبة كبيرة من النساء اليمنيات المشتركات في مواقع التواصل الاجتماعي يلجأن للدخول بأسماء مستعارة نتيجة الرقابة الشديدة التي يتعرضن لها من قبل أسرهن.
ويمثل الخوف من الابتزاز الالكتروني الذي قد تتعرض له الفتاة في مواقع التواصل الاجتماعي عبر نشر صور وفيديوهات ومحادثات خاصة من أبرز العوامل التي تجعل بعض اليمنيين يمنعون بناتهم من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعود إلى عدد من العوامل التي قد تكون دينية في مجتمع تقليدي ومحافظ لا يزال ينظر للمرأة باعتبارها ناقصة عقل ودين، بالإضافة إلى العامل الاجتماعي والذي يربط المرأة بقضايا العار والشرف.
من وجهة نظر الناشط “فاروق الشرعبي” الذي تحدث لـ”منصة تاء” فإن المجتمع اليمني بالمجمل لا ينظر بالغالب إلا إلى الجوانب السلبية للشبكة العنكبوتية وهي جوانب ناتجة عن الاستخدام السلبي لها في مجتمع يلجأ إلى شبكة الانترنت للهروب من حالة الكبت التي يعيشها اليمني في مجتمع تقليدي منغلق تحاصره ثقافة العيب والحرام، وهذا الأمر يجعل الأسر اليمنية تخاف على بناتها من أن يكن ضحايا لأي ابتزاز الكتروني قد يحصل”.
ويمارس عدد كبير من اليمنيين الرقابة على حسابات زوجاتهم وأخوتهم وبناتهم في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال قيامهم بإنشاء هذه الحسابات بأنفسهم والاحتفاظ بكلمات المرور الخاصة ما يسمح لهم بتصفح الحساب أولا بأول، بالإضافة إلى ربط هذه الحسابات بالايميل الخاص للزوج أو الأخ أو الأب الذي يمارس دور الرقيب.
“سهام” طالبة جامعية، قالت لــ”منصة تاء” إنها تستخدم جهاز موبايل بشكل سري، وإن حسابها في الفيس بوك تحت اسم مستعار، وذلك بسبب حالة المراقبة الشديدة من قبل أسرتها التي تمنعها من استخدام الموبايل الذكي، بينما لديها جهاز تلفون عادي تستخدمه للاتصالات بمعرفة وعلم أسرتها”.
وتضيف ”سهام” إنها كانت تملك جهاز موبايل حديث غير أن أخاها قام بتكسيره بعدما شاهد صورة لها داخله وهي كاشفة الشعر، وإن أسرتها منعتها من استخدام الأجهزة الحديثة بعد ذلك خوفا من انتشار صور لها بطريقة أو أخرى، خاصة في ظل امكانية اختراق الأجهزة أو فقدانها ووقوعها بيد الغرباء”.
وتزايدت حالة الرقابة الأسرية على استخدام الفتيات لمواقع التواصل الاجتماعي عقب الجريمة التي هزت الرأي العام اليمني والتي تعرض فيها الشاب عبدالله الأغبري للقتل عبر التعذيب حتى الموت في 26 أغسطس 2020 على يد عصابة قامت كاميرات المراقبة بتوثيق جلسة التعذيب التي استمرت لست ساعات.
وما أثار الفزع لدى الأسر اليمنية أن العصابة التي قامت بقتل الشاب الأغبري كانت تعمل في أحد متاجر بيع وصيانة الهواتف المحمولة في العاصمة صنعاء، حيث تحدثت الأخبار التي تناقلها اليمنيون أن العصابة كانت تقوم باستعادة الصور من موبايلات الزبائن والاحتفاظ بها واستخدامها في ابتزاز عدد من الفتيات.
وبحسب كتاب سوسيولوجيا الانترنت لمؤلفه نديم منصوري، فإن الإناث يمثلن 21% فقط من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي في اليمن، وهي النسبة الأقل بين جميع الدول العربية، بينما نسبة الذكور تمثل 79% ، وذلك وفقا للجدول الذي يوضح توزع الفئات العمرية والنوعية لمساخدمي الفايسبوك في العالم العربي مطلع فبراير 2013 .
وكانت شركة يمن آيكون قد أصدرت تقريرا نهاية العام 2014 أكدت فيه أن عدد مستخدمي الفيس بوك وصل إلى أكثر من مليون و740 ألف مستخدم، وإن موقع فيس بوك يحتل أهم موقع من مواقع التواصل الاجتماعي لدى اليمنيين.