منصة تاء : متابعات
تعد الناشطة سهى باشرين واحدة من القيادات النسوية التي يلعبن دورا مهما في دعم الجهود الهادفة لإحلال السلام وإنهاء الحرب، وهو الدور الذي تلعبه المرأة اليمنية بشكل عام حيث تعد المرأة اليمنية أبرز المتضررات من الحرب التي لم تساهم يوما بتأجيج نارها.
والناشطة اليمنية سهى باشرين استشارية في مجال النوع الاجتماعي (الجندر) عملت في عدد من المنظمات الدولية والأممية كمديرة واستشارية لبرامج النوع الاجتماعي وتمكين النساء في جهات حكومية ومؤسسات غير حكومية، ولها مشاركات وحضور يمثل اليمن في عدد من دول العالم وأروقة الأمم المتحدة، أبرزها مشاركتها في اجتماعات لجنة مراجعة التنفيذ لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء (السيداو).
شاركت في جولات مناصرة بدول أوروبية لدعم مشاركة النساء والشباب ضمن عملية بناء السلام، كما أنها عضو ومؤسس في مبادرات مدنية ونسوية أهمها تحالف وطن لتعزيز مشاركة النساء المستقلات في الانتخابات المحلية لعام 2006، بالإضافة إلى أن لها دراسات والأبحاث وأوراق عمل في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية.
وهي أيضا مدربة في النوع الاجتماعي والمناصرة والتخطيط الاستراتيجي، درست الماجستير في التنمية الدولية من جامعة برادفورد بريطانيا.
تحدثت الناشطة باشرين إلى برنامج النساء والسلام على قناة السعيدة الفضائية، حيث ترى أن الحياة السياسية في اليمن ضعيفة، فبنية الحياة السياسية لم تأخذ وقتها، إذا اعتبرنا أن الحياة السياسية في اليمن بدأت من الخمسينيات والستينياتـ، كانت ذروة الثورات العربية والتحرر ضد الاستعمار، في تلك الفترة، بعد ذلك النخب التي قامت بالثورات، والتي مسكت السلطة في اليمن لم تعمل على بناء حياة سياسية حقيقية سواء كانت تعددية سياسية أو ديمقراطية أو انتخابات أو غيرها، فكان بشكل أو بآخر حكم شمولي، حكم فرد واحد، يطغى عليها نمط واحد، حتى مع بداية التسعينيات وتغير النظام العالمي، وتغير الأنماط السياسية لم يحدث هذا التغيير، حصل تغيير عندنا في الظاهر، حصل تعددية سياسية وانتخابات في الظاهر، لكن لم يحدث بناء لأسس الحياة السياسية الحقيقية، من نقد، ومعارضة، وحركة مدنية قوية، وهذا كله هو سبب تعثر العملية السياسية في اليمن لفترات طويلة.
وتقول باشرين إن النخب السياسية اليوم تعتمد المصلحة الشخصية هي الأساس، أي لا يوجد مصلحة عامة، سواء كانوا ممثلين لأحزاب، أو قيادات لأحزاب، المصالح الشخصية تطغى على المصلحة العامة، لذلك المصلحة السياسية تتعثر، هذا بالإضافة إلى الاستقطابات الإقليمية، وكثرة الفصائل، والجماعات التي وجدت بعد 2015م، هذا كله يسبب صعوبة أن ترجع العملية السياسية لمسارها، وأتمنى أن ترجع لمسارها، فقط أكيد ستظل تتعثر نتيجة كل هذه العوامل مشتركة.
تضيف باشرين إن النخب والتي تعتبر ضمن أطراف الحرب، معظمها تبحث عن مصالح شخصية، أو مصلحة الجماعة، وليس مصلحة البلد ولا مصلحة الوطن ولا المصلحة العامة، إنما المصلحة التي تخدم توجهاتهم أو مطالبهم، أو ما يطرح على الطاولة تنحصر حول إما مصالحهم الشخصية، أو مصالح الجماعة.
وعن أثر الحرب على حياة الأسرة اليمنية ترى باشرين إننا مع دخول الحرب عامها السابع فكل الأسر اليمنية أصبحت متأثرة بآثار الحرب، متأثرة بالحرب بشكل أو بآخر، فالحرب في البداية الكل كان متوقع إنها في الاشتباكات والقصف والضرب الأرضي لكن مع استمرار الحرب كان لها أوجه كثيرة، توقف الخدمات الأساسية، المستشفيات، تعثر العملية التعليمية، توقف الرواتب هذا في المرتبة الأولى، ثم جاءت كورونا، فكل هذه تعتبر إنها أثرت على كل الأسر في كل اليمن شرقه وشماله وجنوبه وغربه، وآثار الحرب أصبحت على الكل.
وتشير باشرين إنه لا يوجد منطقة في اليمن، إلا وتأثرت من آثار الحرب، فمثلاً ارتفاع وانعدام المشتقات النفطية أثر على الزراعة، عدم وجود الديزل أثر على المزارع واستخدامه للآليات الزراعية، ونقل المحاصيل إلى المدينة، وكل هذا يؤثر على أبعد المناطق، فالكل دفع ثمن الصراع، الكبار والصغار، النساء والرجال، البنات والأولاد، الكل دفع ثمن الصراع، فقط التكلفة تكون أكثر، كلما كانت الفئة أكثر ضعفاً كلما كانت تكلفة الحرب عالية جداً، والنساء من أكثر الفئات تضرراً من الحرب، النساء في فترة الحرب اضطررن لتحمل مسؤولية لم يكن مجهزات لها، والشيء المثير للإعجاب إن النساء استطعن أن يتحملن هذه المسؤولية.
وتؤكد باشرين أن النساء اليمنيات في زمن الحرب تحملن أدورا لم يكن جاهزات لها، ونقطة الإبداع في النساء اليمنيات أنهن حولن الأدوار التقليدية، الأدوار الإنجابية من طبخ وخياطة وأشغال منزلية إلى مجالات لأعمال، وأعمال تجارية مدرة للدخل، المرأة التي مات عائلها، أو ذهب للقتال، أو اختفى لم يعد هناك عائل للأسرة، اضطرت أن تكون عائل للأسرة، فالنساء أبدعن، وأوجدن طرق، ولم يستسلمن للواقع.
وتعتقد باشرين أن دور النساء في المجتمع على مستوى المجتمع قوي جداً، فالنساء وجهودهن وأدوارهن على مستوى المجتمع كبير جداً، في محاولة بناء السلام، بمبادرات وبأدوات بسيطة جدا ولكن واضحة على مستوى المجتمع.
وترى باشرين بأسف أن تواصل النساء في المسارات المختلفة للعملية السياسية في المجتمع اليمني ضعيف جدا، وهذه هي نقطة ضعف العمل النسائي في اليمن، نساء المجتمع يقمن بمبادرات كبيرة لكن في النهاية أصواتهن ضعيفة، لا توجد لديهن قنوات لإسماع أصواتهن وإخراج هذا الصوت من على مستوى المجتمع، حتى في المسار الثاني والذي يغذي المسار الأول الرسمي، هناك غياب في التنسيق، وغياب حلقة الوصل بين نساء المجتمع من المسار الثالث، والنساء اللاتي يعملن على المسار الثاني أعتقد إنهن قدوة كبيرة ومؤثرات في عملية السلام، ومؤثرات لوصول أصوات النساء وتبلور مطالبهن، لأنه إذا وجدت هذه الحلقة، النساء على مستوى المجتمع يستخدمن أدوات طبيعية، أدوات نابعة من المجتمع، في بناء السلام.
وتضيف باشرين لا أعتقد أن بناء السلام في اليمن يمكن أن يأتي بوصفة خارجية، يجب أن يأتي بوصفة محلية، فيجب إذا سمعت أصوات النساء من الداخل، أعتقد أنها ستؤثر بشكل كبير جداً، وهذا ليس فقط في اليمن، إذا رجعت لتجارب النساء في عمليات بناء السلام في مختلف الدول التي كانت تعاني من الصراعات، سنجد إن مطالب النساء كانت دائما بأن تكون الوصفة محلية من الداخل، وأن نستخدم الأدوات المحلية، وعادة النساء هن اللاتي يستخدمن هذه الأدوات، وحتى في اليمن إذا لاحظتم في عمليات تتم، مثل فتح طرق آمنة لعمليات الإغاثة، تبادل الأسرى، تتم بعيداً عن الأضواء، وبعيداً عن المفاوضات الرسمية، إذا لاحظتم إنه تستخدم الأدوات المحلية، تستخدم المناهج المحلية التي يعرفوها الناس بطبيعتهم، وبالفطرة، إذا تم إعطاء هذه الأدوات فرصة أعتقد ممكن إننا نصل لعملية سلام شاملة.
وعن دور المرأة اليمنية وقدرتها تؤكد باشرين أن النساء في مؤتمر الحوار الوطني أثبتن وجودهن، وامتلاكهن لقدرات وإمكانيات الخوض في العملية السياسية، هن فقط محتاجات لإعطائهن فرصة للجلوس على الطاولة، عندما تم إعطاءهن فرصة للجلوس على الطاولة في مؤتمر الحوار أثبتن جدارتهن، وكن من الأعضاء الفاعلين، وهناك ثلاث نساء، كن يرأسن فرق، إضافة إلى نساء كن نائبات، وفي النهاية رأسن هذه الفرق، وأثبتن وجودهن، فالأمر فقط أن الطاولة لا تنحصر على فئة معينة أو مجموعة معينة، يجب أن تفتح، والنساء سيثبتن جدارتهن.