فخر العزب – منصة تاء
على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تعرفت سلمى “اسم مستعار” على أحد الشبان، وبعد عدة أيام من التواصل بينهما تبادلا أرقام موبايلاتهم الخاصة وانتقلا للتواصل عبر تطبيق واتساب بدلا من الفيسبوك.
مع مرور الوقت صار التواصل أكثر حميمية، ومع كلمات الغزل والوعود بالزواج التي يقدمها الشاب لسلمى، قدم إليها طلبا أن ترسل له صورا لها بدون حجاب، وفي لحظة ضعف قامت سلمى بإرسال مجموعة من الصور الخاصة بها وهي ترتدي فساتين وكاشفة الشعر.
بعد أشهر وجدت “سلمى” نفسها أمام ذئب بشري يمارس الابتزاز بحقها من خلال طلب مبالغ مالية وإلا سيقوم بنشر صورها وإرسالها إلى عائلتها، لتجد سلمى نفسها مهددة فعليا بالقتل من قبل أسرتها في حال تم نشر صورها، خاصة أنها تعيش في مجتمع محافظ، وأمام ابتزاز هذا الشاب لسلمى، لم تجد الأخيرة حلا لمواجهة هذا الابتزاز إلا إلغاء حسابها في الفيسبوك وتغيير رقم تلفونها، لتقطع تواصلها نهائيا مع الشاب المبتز الذي أغراها بوعوده الكاذبة، ومع قطع التواصل مع ذلك الشاب إلا أن “سلمى” لا تزال تحمل خوفها من انتشار صورها ووصولها إلى يد أسرتها.
“سلمى” هي واحدة من مئات النساء اليمنيات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بسبب صور أو فيديوهات أو محادثات لهن على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يطلب المبتزون من النساء اللواتي يتم ابتزازهن طلبات مختلفة تتراوح بين ارسال المزيد من الصور، أو إرسال مبالغ مالية، وقد تصل أحيانا لإقامة علاقة جنسية.
وتتفاقم ظاهرة الابتزاز الالكتروني الذي تتعرض له النساء في اليمن نتيجة البعد الاجتماعي في البلاد، وعدم التوعية القانونية وعدم التوعية بأهمية ومخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم التوعية بكيفية مواجهة الجرائم المرتكبة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها جرائم الابتزاز الالكتروني، وكذا عدم الوعي الاجتماعي بين أفراد الأسرة ككل بأهمية ومخاطر وكيفية التعامل مع كل الأجهزة والوسائل الالكترونية التي نستخدمها في حياتنا الاجتماعية واليومية والذي قد تدخل في كل شئون الحياة، وأهمها وسائل التواصل الاجتماعي.
مالك العامري باحث اجتماعي قال إن النساء اليمنيات يقعن ضحايا للابتزاز الالكتروني نتيجة عدد من العوامل الاجتماعية في مقدمتها النظرة الدونية للمرأة التي تراها ناقصة عقل ودين، وتربط المرأة دائما بالعار المجتمعي في مجتمع محافظ ذي ثقافة قبلية يعتبر الشرف والعفة من أقدس مقدساته، ولذا فالمرأة قبل أن تشعر أنها متهمة تشعر أنها مدانة في مجتمع لا يسمح للمرأة حتى بحق الدفاع عن نفسها حين يتعلق الأمر بقضايا الشرف”.
ويضيف “العامري” إن هذه العوامل الاجتماعية ترجح كفة ممارس الابتزاز بنشر المتعلقات بالعار من صور جنسية أو فيديوهات خاصة أو صور محادثات تتضمن كلام غزلي، وبالتالي فامتلاك المبتز لأي من هذه الأشياء يشعره أنه في موقف قوة يشعره أن من حقه فرض الشروط التي يريد لممارسة الابتزاز بحق الفتاة صاحبة الصورة والتي لمجرد نشر صورتها فإن مصيرها سيكون القتل أو في أحسن الأحوال ستتعرض لاغتيال مجتمعي ومهني من خلال النظرة الاحتقارية من قبل المجتمع بما فيه بنات جنسها النساء، أضف إلى ذلك أننا في مجتمع لا يغفر للمرأة أبدا على عكس الرجل”.
الدكتور مفيد الصلاحي أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة إب قال إن القوانين اليمنية تقدم الحماية الجنائية للشخص الذي يتعرض للابتزاز الالكتروني، ولكنها لا تقدم الحماية الكافية، لأن المشرع اليمني إلى الآن لم يسن تشريعا عقابيا خاصا بالجرائم المعلوماتية بصفة مستقلة، وإنما يطبق عليها القوانين العقابية التقليدية، مشيرا إلى أنه يمكن مواجهة جرائم الابتزاز الالكتروني بسن تشريعات عقابية أكثر صرامة وأكثر وضوحا من التشريعات العقابية التقليدية وتكون خاصة بجرائم المعلوماتية بشكل خاص”.
ويشير ”الصلاحي” إلى أنه في الغالب لا يتم الإبلاغ عن كل القضايا التي تتعرض لها النساء وذلك بسبب البعد الاجتماعي الذي نعيشه في بلادنا، ومسألة غسل الشرف، ومسألة العار، وغيرها، مؤكدا أن نسبة قضايا ابتزاز النساء التي تصل إلى القضاء هي نسبة قليلة جدا مقارنة بالعدد الحقيقي لجرائم الابتزاز التي تتعرض لها النساء، ولا نستطيع أن نجد عددا معينا لعدد القضايا المنظورة في هذا الجانب، لعدم وجود نظام معلومات موحد لكافة الجهات الأمنية والقضائية”.
المهندس حسام المجيدي قال إن شبكة الانترنت تعد بيئة غير آمنة وخاصة للنساء اللواتي يتعرضن للابتزاز نتيجة ما ينشر على الشبكة العنكبوتية، والذي قد يكون نتيجة اختراق حسابات الفتاة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويلاحظ زيادة قضايا الابتزاز الالكتروني مع زيادة مواقع التواصل الاجتماعي والتي يتم فيها تبادل الصور والفيديوهات والتسجيلات الصوتية وغيرها من الوسائط”.
وبحسب المهندس المجيدي فإن هناك عدد من الحلول التي يمكن أن تساهم في الحد من تزايد قضايا الابتزاز الإلكتروني تبدأ من خلال اشراف الأسرة على إنشاء الحسابات لأبناء الأسرة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتعامل مع أبناء الأسرة عبر تعزيز الثقة بهم، وتثقيفهم بقضايا الأمن السيبراني ومعرفة مستخدمي مواقع التواصل أنها معرضة للاختراق بأي وقت، وبالتالي عدم نشر صور وفيديوهات خاصة فيها، وكذا عدم الابقاء على الصور والفيديوهات الخاصة في أجهزة الموبايل المعرضة للفقدان في أي وقت، وكذا عدم بيع هذه التلفونات لأنه يمكن للمستخدم الجديد لها استرجاع الصور والفيديوهات المحذوفة منه وبالتالي فالتخلص من الموبايل ولو بالكسر أفضل من بيعه لمستخدم جديد”