كتبت/ عبير واكد

ما تزال المرأة اليمنية بعيدة عن الفرص والفاعلية المرجوة، ما تزال أقرب إلى الماضي منها الى المستقبل، والأسباب في ذلك كثيرة.

عانت المرأة اليمنية وما زالت من إشكاليات مجتمعية وسلطوية وذاتية انعكست على هيئة ضعف في المشاركة والحضور السياسي.

وما بين المخاوف الذاتية وبين ضعف الإرادة السياسية في تمكين المرأة من المشاركة السياسية ثمة الكثير من التفاصيل.

رواسب الثقافة والموروثات السلبية، الصورة النمطية التي يكرسها الإعلام والخطاب السياسي الرسمي والحزبي إلى جانب قلة حظ النساء من التعليم، جميعها عوائق تعزز بعضها بعضا على مدار الوقت.

فبحسب استطلاع أجراه مركز مداد حضرموت للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، حول مستقبل السلام وشكل الدولة في اليمن، فإن %39.9 من المشاركين في الاستطلاع يرون أن دور المرأة وتفاعلها السياسي منخفض ومدى تأثيرها متدنّي، في حين يرى %26 من المستطلعين أن دورها غير مؤثر و يرى %18.6 بأن دورها متوسط، في مقابل %15.4 يرون بأن دورها جيد في الحقل السياسي.

العملية السياسية مشلولة منذ 2015

يعتبر أمين مكتب فرع حزب الإصلاح في ساحل حضرموت، محمد بالطيف، دور حزبه شبيها بالأحزاب الأخرى في دعم المشاركة السياسية للنساء. مؤكدا خلال حديثه لمنصة هودج أن حزبه يسعى مثله مثل غيره من الأحزاب السياسية لإشراك المرأة في العمل السياسي، حيث تصل أعداد النساء في دائرة المرأة في المحافظة بين 30-40 امرأة.

وقال بالطيف إن حزب الإصلاح من أكثر الأحزاب التي تنخرط فيها النساء خاصة في فترات الاستحقاقات الانتخابية.

وأضاف: “لاشك أن مسألة إشراك النساء في العملية السياسية ليس أمرًا سهلاً فهو يحتاج وقتاً أطول من التوعية العامة حول أهمية تلك المشاركة، وتوفير ظروف مناسبة لكي تنخرط المرأة بشكل أوسع في هذا المجال”.

ومن جهتها قالت عضوة الحزب الاشتراكي والناشطة السياسية، مدينة عدلان، إن “العملية السياسية مشلولة منذ 2015، ما أثر سلبًا على إعطاء الأحزاب السياسية مكانتها، وصعّب عقد مؤتمراتها العامة لانتخاب قيادات جديدة ما ساهم في إبقاء الحال على ماهو عليه من حيث المشاركة السياسية للمرأة اضافة الى ضعف الإقبال النسوي على الانخراط في عضوية الأحزاب وذلك يبعدها عن المنافسة والفرص”.

وأشارت عدلان في حديثها لمنصة هودج إلى أن “المرأة أكثر التصاقًا بقضايا المجتمع التي لن يتم طرحها بشكل حقيقي إلا بمشاركتها العاملة والفاعلة، ضمن تشكيلة الوفود المفاوضة غير أن القيادات العليا للأحزاب وهي الأطر التي تتشكل منها الوفود خالية تقريبا من النساء ما يمثل عائقا صعبا أمام مشاركة النساء في مفاوضات السلام”.

ووصل عدد الحقائب التي منحت للنساء طول الـ 30 عاما الماضية في الحكومات اليمنية المتعاقبة نحو 18 حقيبة وزارية بنسبة 4.1% وهي نسبة تظهر بشكل جلي مستوى التهميش السياسي للمرأة في اليمن.

الحضور السياسي للنساء

ويرى رئيس قسم العلوم السياسية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة حضرموت، الدكتور صلاح مدشل، أن الحضور السياسي للنساء في اليمن يكاد يكون ضعيفا للغاية أو ربما لا أثر له في الشأن العام. مرجعا ذلك إلى أسباب متعددة منها سيطرة الثقافة الذكورية بالإضافة إلى ثقافة الإقصاء والتهميش الذي تعاني منه المرأة في واقعنا الإجتماعي ومحاصرتها المستمرة في ذات القوالب النمطية المتعلقة بأعمال المنزل ومهنتي طب النساء والتعليم، حد وصفه.

وقال مدشل في تصريح لمنصة هودج إن تواجد النساء بصورة أكبر في المشهد السياسي، من شأنه أن يسهم في تقدم المجتمع. مشيرا إلى أن المجتمعات التي وجدت المرأة فيها مساحة للمشاركة لعبت خلالها أدوارا فاعلة أسهمت في تطور تلك المجتمعات في مختلف المجالات.

وعلى صعيد السلطة المحلية تقول مدير عام الإدارة العامة لتنمية المرأة بديوان محافظة حضرموت الساحل، علياء الحامدي، إن “السلطة تدعم أن تكون المرأة قيادية في منظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية”، منوهة أن على الأحزاب السياسية الوعي بأهمية دور النساء في العمل السياسي وصناعة القرار .

ويمثل حجم الحضور النسوي في حضرموت بـ 14 امرأة حيث تتضمن تشكيلة السلطة المحلية ومكاتبها في مديريات الساحل 11 امرأة، مقابل 3 نساء في تشكيلة مديريات الوادي.

وتشارك المدير التنفيذي لمؤسسة الشهيد بن حبريش، عبير بن غودل، وجهة النظر ذاتها مع الحامدي في دعم مشاركة المرأة في العمل السياسي.

وأوضحت بن غودل أن المؤسسة لعبت دورا في ذات الاتجاه من خلال برنامج الوساطة المحلية الذي نفذته المؤسسة هذا العام، حيث دربت من خلاله 20 امرأة من سيئون في مجال الوساطة المجتمعية، وتم إنشاء قاعدة بيانات بشأنهن سلمت إلى مكتب المبعوث الأممي لتمكينهن من لعب أدوار محلية في حال نجاح خطط ومفاوضات السلام.

وبحسب الباحثة في المركز اليمني للسياسات، شيماء بن عثمان، فإن مراعاة الحساسية للأعراف والتقاليد المجتمعية ضرورية، لكن ذلك لا يعني الاستسلام لها بقدر ما يعني الحرص على أمن وسلامة المرأة.

وشددت بن عثمان في حديثها لهودج على أهمية سلامة المرأة في استراتيجيات التدخل والتغيير لعادات وتقاليد المجتمع التي تحد من قدرة النساء على المشاركة السياسية. وأشارت إلى أن هناك حاجة إلى كسب مناصرين وداعمين ضمن هذه الاستراتيجيات.

صورة وردية

وفيما يخص تكريس السلطة والأحزاب ذات الأسماء والوجوه النسوية عندما يتعلق الأمر بالمشاركة السياسية للمرأة تقول الصحفية المهتمة بالشأن السياسي، أرواد الخطيب، إن “احتكار التمثيل السياسي لفئة أو وجوه محددة من النساء، يعكس اعتقاد المنظومة السياسة أن هذه الوجوه هي الأكثر ثقة لتقديم صورة وردية للخارج حول واقع المرأة اليمنية وذلك خشية ظهور وجوه نسائية أكثر جرأة وتجرداً في طرح الواقع كما هو”.

نشرت هذه المادة في منصة هودج