عفراء الشميري | تعز

 

تسببت الحرب في رفع منسوب المخاطر في بيئة الأعمال اليمنية. وهناك خسائر مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد نتيجة تدمير رأس مال المنشآت العامة والخاصة، الى جانب حدوث نوع من الشلل في النشاط الاقتصادي. نتيجة هجرة بعض الشركات ورؤوس الأموال الى الخارج بحثا عن بيئة آمنة.

 

ونظراً لارتباط المرأة بالبيت والمكان كجزء من تقاليد المجتمع المحافظ يشهد سوق العمل وان بقدر ضئيل ظهور بعض الأنشطة الاستثمارية التي تقف وراءها نساء انضممن حديثا الى قائمة سيدات الاعمال.  

 

نرمين عساج واحدة من هؤلاء حيث ارتادت عالم الاستثمار من خلال مشروعها الذي أسمته “نيمو بارك” 

 

المشروع عبارة عن حديقة مائية في منطقة المجلية جنوب مدينة تعز التي تنتمي اليها نرمين تم افتتاحه في 7يوليو 2020، وتقول نرمين ان لطفلتها الفضل في ولادة هذا المشروع وان شعورها بالأمومة جعلها تفكر في اطفال مدينتها المحاصرة.

 

 

ثمة زوايا أخرى يمكن النظر من خلالها والخروج بفكرة جديدة، تقول عساج “بسبب الحرب والاوضاع التي تعيشها تعز لم أجد مكانا لإسعاد طفلتي ففكرت في شراء ثياب سباحة ومسبحا صغيرا لها وخلال البحث عبر الانترنت جاءتني فكرة المشروع”.

 

من وجهة نظر بعض العائلات مثل المشروع متنفسا للأطفال في ظل ظروف الحرب الحالية، حيث تقول ايناس الحكيمي احدى الامهات اللواتي يجلبن اطفالهن الى الحديقة المائية ” المشروع جميل من حيث الموقع والخدمات التي يقدمها وجدنا في هذا المكان متنفسا لأطفالنا، نتمنى انشاء العديد من هذه المشاريع” .

 

عبرت نرمين قائلة “في سبيل خروج المشروع الى ارض الواقع بالشكل الذي تمنيته واجهتني الكثير من التحديات حتى وصلت هذه المرحلة “.

 

 نرمين عساج شابة في مقتبل العمر حرصت على تحقيق استقلاليتها الاقتصادية في مجتمع ذكوري يأبى أن يكون للمرأة دور في سوق العمل “.

 

في التشريعات اليمنية المنظمة لسوق العمل لايوجد ما يحول دون مشاركة المرأة في هذه السوق غير ان مساهمة المرأة في الحياة الاقتصادية ماتزال محدودة بحسب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية محمد عبده سعيد انعم مبينا أن مساهمة الإناث في النشاط الاقتصادي لا تتعدى نسبة 11 بالمائة من إجمالي قوة العمل اليمنية.

 

 

عدم وجود مشكلات تشريعية لايعني ان الطريق سالكا امام تنامي مشاريع سيدات الاعمال، تقول نيرمين “استأجرت مساحة أرض في منطقة الضباب غرب المدينة غير ان الحظ لم يحالفني بسبب خلاف مع صاحب الارض، فغيرت وجهة المشروع صوب المدينة.”

 

 

وتضيف:” بعد ذلك استأجرت عمارة نزح اهلها بسبب الحرب كمقر للمشروع وعند انطلاق المشروع وبدء الاقبال على الحديقة واجهت أيضا بعض المشاكل منها ارتفاع الايجار والقيود على القيام ببعض الاستحداثات في المكان ومع ذلك استمريت رغم التكاليف التي تحملتها لكني كنت غير مستعدة لخسارة مشروعي.”

 

 

يبدأ الحلم صغيراً ثم يكبر.. يقول منطق الأشياء وتفكر نيرمين حاليا في اجراء توسعة إضافية للمشروع وتقول بابتسامة واسعة “الاقبال على الحديقة شجعني على التفكير في اضافة اقسام سباحه خاصة بالنساء والرجال “.

 

 

شهدت مدينة تعز خلافات متعددة سياسية وفكرية غير أن هذا المشروع الصغير حقق تقاربا من نوع ما.

 

 

يقول نائف الوافي مصور صحفي وزائر للحديقة: ” هذا المشروع جمع الناس من مختلف الاحزاب والمستويات.”

 

 

للأطفال انطباعاتهم أيضا حول المشروع حيث عبرت الطفلة ولاء العبسي قائلة: “أني يعجبني اروح اسبح ونضحك اني والاطفال”.

 

 

 وتشاركها الطفلة ايلاف بدر حيث تتحدث عن شعورها اثناء اللعب بالحديقة قائلة: “أحس بالفرح والتقي مع صاحباتي ونلعب سوى بالماء.”

 

 

أحمد باشا أحد الأباء من رواد الحديقة يقول: “الأطفال بشكل عام يحتاجون الى متنزهات وحدائق لتغيير نفسياتهم، ناهيك عن الاطفال الذين يعيشون في المناطق التي تشهد حروباً وأوضاعا معقدة.

وبسبب ما تعيشه مدينة تعز من حصار جراء الحرب الدائرة على اطرافها حُرم الاطفال من المتنزهات والحدائق وأصبحت طفولتهم منقوصة يفتقدون لوسائل الترفيه المختلفة، وبعد فتح حديقة جاردن سيتي الوحيدة في تعز والتي أغلقت لسنوات عدة، كانت هي الخيار الوحيد للأطفال، ولكن بعد افتتاح هذا المشروع أصبح هناك خيار اخر للأطفال.”

 

 

لا يتجاوز عدد سيدات الأعمال اليمنيات 500 سيدة أعمال يمارسن أعمال بسيطة معظمها أنشطة خدمية تصنف في الغالب ضمن الصناعات والأعمال والخدمات صغيرة الحجم بحسب أنعم.

 

حتى منتصف التسعينات لم يكن مفهوم سيدات الأعمال موجوداً في اليمن. ولم يكن يُسمح للمرأة اليمنية بممارسة النشاط التجاري، نتيجة للثقافة الذكورية السائدة والأعراف والتقاليد التي ترى في ممارسة المرأة للعمل التجاري عيباً.

 

بحسب رئيسة مجلس سيدات الاعمال في الغرفة التجارية الصناعية الدكتورة فوزية ناشر غير ان الامر تغير بعد تأسيس مجلس سيدات الاعمال العام 2007 حيث تمكنت المرأة اليمنية من اقتحام عالم المال والأعمال، والتعامل  مع برامج وصناديق تُقرض المرأة، بحسب ناشر.

 

يشار إلى أن أول مكتب لسيدات الأعمال اليمنيات افتتح مطلع العام 2005م بالغرفة التجارية الصناعية كبداية لتأسيس كيان مؤسسي يجمع ويدعم سيدات الأعمال أعقبه في مارس من العام 2007 تدشين أول مجلس لسيدات الأعمال اليمنيات بدعم حكومي ، ومع بداية العام 2008 تم إطلاق وحدة سيدات الأعمال اليمنيات التابعة لنادي رجال الأعمال اليمنيين.