سكينة محمد : منصة تاء 

زوجي يضربني، دفعني مرات عديدة على وجهي  ” بهذه الكلمات الممزوجة بالقهر تصف الشابة كوثر سيف (20) عامًا أغلب الأوقات التي تقضيها مع زوجها المعنف .كوثر واحدة من النساء اللاتي يتعرضن للعنف الأسري ، غير إنها تتعرض لأنواع مختلفة من العنف من قبل زوجها

تقول كوثر ” يقوم بسبي وشتمي بشكل دائم، وعندما يخرج من المنزل أعيش أنا وأطفالي الثلاثة حالة أمن واسترخاء، وحين عودته يتحول المنزل إلى جحيم لا يطاق ” . وككل النساء في محيطي لا بد أن أتحمل وأهان وأسكت حتى لا أخرب بيتي، إذا كان لدي استقلال مادي سأستطيع اتخاذ قرار الانفصال بشجاعة، لكني مجبرة على التحمل بسبب حاجتي له  “تضيف كوثر ” .

 

أرقام مرعبة

وتشير تقديرات تابعة للأمم المتحدة  إلى أن واﺣﺪة ﻣﻦ ﺛﻼثة ﻧﺴﺎء وﻓﺘﻴﺎت تتعرض  ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺠﺴﺪي أو اﻟﺠﻨﺴﻲ خلال ﺣﻴﺎﺗﻬﻦ ، ويكون ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن من طرف الزوج. البيانات المستجدة أظهرت منذ بدء جائحة كوفيد – 19 أن هناك زيادة في الاتصالات بأرقام المساعدة في ما يتصل بالعنف المنزلي في بلدان عديدة،  وكذلك نسبة 71 % من جميع ضحايا الإتجار بالبشر في العالم هم من النساء والفتيات ، و 3 من أصل 4 من هؤلاء النساء والفتيات يتعرضن للاستغلال الجنسي .فالتقديرات تشير أن نسبة  52 % فقط من النساء المتزوجات أو مرتبطات يتخذن حرية قراراتهن بشأن العلاقات الجنسية واستخدام وسائل منع الحمل والرعاية الصحية.  الأمم المتحدة أيضا تحدثت أن العنف الجسدي كالقتل أو الضرب أو اللمس بقصد الإيذاء الجنسي والإغتصاب والتحرش والزواج القسري والزواج المبكر والمضايقة الإلكترونية والنفسي يتمثل بالإساءة النفسية والسب والشتيمة .

 

قوانين مغيبة

 خولة عبد الجبار محامية تقول ” لا يوجد  نص قانوني خاص بتجريم العنف ضد النساء، ولكن قانون الجرائم والعقوبات شدد على إحترام وحفظ كرامة المرأة من أي إعتداء،  حيث نصت المادة 41 فقرة 5 من القانون اليمني،  فيما يجب على الزوج لزوجته عدم الإضرار بها ماديًا أو معنويًا، والمقصود بالإضرار المادي الضرب المبرح، أما الإضرار المعنوي فهو السب والشتم ومناداتها بالألفاظ الجارحة.  

 

وبحسب الدكتورة افتخار جبر ـ  نساء وولادة ” أن من يقدمن للعيادة هن النساء المتزوجات أو المرتبطات فنسبة كبيرة منهن  لا يتخذن حرية قرارتهن بشأن العلاقات الحميمة و استخدام وسائل منع الحمل والرعاية الصحية.  

 

 ولعل الحروب تفاقم أوضاع النساء وأصبحت المرأة هي الحلقة الأضعف ضمن دوامة العنف القائم، وتستخدم النساء وتستغل كثيراً  وفي بلادنا تعيش الكثير من النساء في ظلمة وضياع للكثير من الحقوق  وفي ظل الحرب الدائرة في البلد منذ سبع سنوات خسرت النساء الكثير من أعمالهن وصحتهن النفسية وتقاسمت الأوجاع والتشريد والنزوح والزواج المبكر. 

 

نساء معنفات

 الدكتور خالد محمد اختصاصي نفسي  يتحدث عن العنف التي تتعرض له النساء  بأن أي كائن يتم تعنيفه سواء عنف جسدي أو جنسي أو نفسي فأنه يتجه تلقائيا لإفراغ الإجهاد النفسي لما يقع تحت سيطرته أو كائن أضعف منه وهكذا في حلقة متصلة من العنف  النساء المعنفات يكن غير قادرات على إعطاء أمان وحب ودفئ كافي لأطفالهن , فمناظر الصراخ وبكاء الأم أمام أطفالها يؤثر عليهم وينشئ جيل معنف هو بالمقابل ويؤثر على اللبنة الأساسية لبناء المجتمعات وهي الأسرة. 

 

 وتقول مسؤولة المساحة الآمنة التابعة لليونيسيف في تعز افتكار رزاز لمنصة تاء أن أغلب النساء اللاتي تستقبلهن  للمساحة قد تعرضن للعنف  سواء لفظي أو جسدي ونعمل على تقديم الدعم لهن ورفع الوعي حول مدى حجم المشكلات،  وتوفير محامي لمن لديهن مشاكل قانونية،  وأن ما نسبة63.7% ممن طلبن المساعدة قاصرات أو تزوجن تحت سن 16.

 

 دعم ومساندة

 صباح راجح  رئيس اتحاد نساء اليمن- تعز تقول أن الاتحاد يقوم بعدة إجراءات من أجل النساء عموما والمعنفات على وجه الخصوص  ببرامج توعية ومراكز تأهيل وتدريب وتمكين لتكون المرأة قادرة على العيش بحياة كريمة والاعتماد على ذاتها , ودعمها ببرامج توعوية قانونية وبرامج إحلال السلام  ، وتحسين الوضع الاقتصادي للأسر من خلال الدفع للتدريب على مهن كالخياطة والتطريز وتعليم ( النقش)  والتجميل. يستقبل الاتحاد نساء تعرضن للهجر دون أسباب أو مبررات حقيقية , فالاتحاد هنا يوفر لهن دعم قانوني،  أما بالنسبة للواتي يتعرضن لتعنيف جنسي وتحرش نعمل على دعمهن نفسيا،  ومع حلول اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة نكثف الدعوات للضرورة تكاتف الجميع للحد على هذه الظاهرة.  

 

الشابة كوثر أنموذج للكثير من النساء اللاتي يتعرضن للعنف خلف الأبواب المغلقة، ومن قبل الزوج،  تعيش في أهم فترات عمرها عنف ومصادرة للحقوق، ويتحامل عليها المجتمع المحيط ويجبرها على التحمل متناسين حقها في عيش حياة كريمة خالية من العنف والتعنيف.