منصة تاء : يرستين النهمي

لا حق للمرأة في حقوقها ، فمعاني الحرية والاستقلال الإنساني للذكور فقط ، مفارقة عجيبة !! فالمرأة هنا لم ترتفع من الأنثوية الى الإنسانية. وحقوقها مُدعاة شك وسخرية مقيتة ، جعلتها محل خلاف وجدال واستهزاء واسع وعقيم ، وكأن المرأة سلعة مُنتجة تُباع وتشترى، قيمتها مرهونة بالرضى الجماعي عنها، تُصادر حقوقها وتُعاد عبر قرارات تستخف بأحقيتها،فالمرأة تُعامل بغرائبية لا إنسانية، تحيا الحياة المقصورة المحدودة،تُتنهك إرادتها، وتُسلب حريتها الحركية والتصرفية ، وتُنهب حقوقها الحياتية الطبيعية.

كل الإلتباسات المجتمعية والقانونية لا توجد إلا في كل ما يخص المرأة، فحقوقها تثير الجدل، أمّا حقوق الرجل لا ريب فيها ولا جدل، فالسيادة خلقت للرجال ، والعبودية اُنشئت للنساء،وإن الكثير من دعاة المحافظة على الأعراف والتقاليد المجتمعية واحترامها،يتهمون المرأة العصرية بالإنحلال الأخلاقي ،وهم لا يسأمون القول المكرور بأن المكان الأول للمرأة هو البيت، وأن وظيفتها الأولى هي الزواج، ولا حق لها في العيش وفقاً لرؤيتها الشخصية، ويحدث. ذلك لأسباب عدة؛ كتزمت المجتمع وجهله، واستعلائية في نظر نفسه عند مقارنته بالمرأة .

قيم أنانية تحتقر المرأة،وبغضٌ ذكوري يبني حدودهُ المجتمعية،في إطار السجون المنزلية، تقيدها وترهنها بالرجل، وتجعلها حبيسة المنزل، كما يسجن المجرمون في مراكز الاعتقالات المشددة. والسيادة الذكورية ليست بفعل أفراد الأسرة أو المجتمع فحسب، بل تُشارك فيها السلطات بقرارتها حول انتزاع حقوق المرأة منها، وتُسيرهُ بأداة البروباغدا (الدعاية) الإعلامية ، فتنجح في تجيشه بسهولة تحت مبررات دينية وعرفية واجتماعية، فالبروباغدا أداة ناعمة تتخللها رؤى وأفكار موجهة لتحقيق ما يراه صاحب السلطة مناسباً، وكهذا نجد أنها حركت المجتمع قبل ما يقارب ثلاث أشهرٍ؛ لرفدها بالتأييد على وضع الوصاية على “جوازات” المرأة،معلنة ذكورية سلطوية، يتبعها مجتمع ذو فكر ذكوري، حتى الواعيين منهم سخروا وقتها مستهزئين،وإن بعض النساء شاركن في الاستخفاف بحقوقهن. فقوة التقاليد والعادات المجتمعية والفكر الذكوري مازالت تقيد الكثيرات مما يجعلهن معاديات لأنفسهن،لا يريّن أنفسهن إلا في حالة تبعية للرجال،مقيمات حدوداً داخلية لذواتهن .

حرب الجميع ضد المرأة، شنها المجتمع الذكوري ضد المرأة، وجعل من حقوقها مسخرة ومحل جدل سفسطائي، برغم أن الوعي المجتمعي أصبح أكثر تقدماً من ذي قبل في العديد من النواحي الفكرية والاجتماعية والتقليدية، إلا فيما يخص المرأة تجد أنه لا يزال رجعياً وبدائياً يعيش في زمنِ الرجعية والطوباوية،يرفض استقلالة المرأة،ويرى أن سيادة الرجل هي الأساس في الحياة، فإن خرجت عنها فَسَقت وجلبت العار لأسرتها،وكأنها كائن آخر لم ترتقِ لمنزلة الإنسان،خالية الفكر،منزوعة العقل،معدومة الإدراك،تحتاج لِرجلٍ يدير تصرفاتها وفكرها ويسيرها كآلة صناعية،خُلِقت لأجل المتعة والخدمة فقط.

تصطدم المرأة بالمجتمع مرة بعد مرة لجهله؛ لكنها بوعيها أصبحت صخرة صماء واعية،تمضي مطالبة بحقوقها،وتجعل الجهل هشاً مظهرة العجز الأخلاقي، ومُبطلة الظلم القانوني. وقد وصلت المرأة اليمنية لحدٍ معقول من الوعي والإدراك، مما جعلها تتحرك بحملةٍ مضادةٍ رافضةٍ سلب حقوقها، تكللت بالنجاح منتصرة بذلك على آلة القمع والقسر السلطوية والمجتمعية.

معركة الجوازات انتهت بِانتصار ساحق للمرأة،حيث استطاعت بصلابة عزيمتها ووعيها، أن تجعل صانع القرار يتخلى عن قراره ويصدر قرار آخر، ولا محالة أن المجتمع الذكوري انتكس حين صدور هذا قرار؛ ولكن ماذا عن هذا التلاعب..؟ أهو نصرُ حقاً أم إنه سخرية ممنهجة من المرأة محددة المعايير؟ وهل سيتم تطبيق القرار أم إنُّه سيبقى حبراً على ورق..؟!

#يرستين_النهمي