كتب/ طارق الظليمي

قادت جهود تكتل نسوي بداية العام الجاري إلى إنشاء شعبة مكافحة الابتزاز الالكتروني ضمن اختصاص السلطات العدلية بمدينة عدن جنوبي اليمن، في أحدث مكسب نوعي للتكتلات النسائية على طريق تعزيز فرص السلام المتعثر في البلاد منذ عشر سنوات.
في 6 مارس/آذار الماضي، أطلق “تكتل نون” النسوي مشروع شعبة لمكافحة الابتزاز مع النيابة العامة، وهو واحد من أبرز المشاريع الأكثر احتياجًا، جراء انتشار صور متعددة لابتزاز الفتيات عبر شبكة التواصل الاجتماعي بشكل واسع، في ظاهرة حديثة على مجتمع محافظ، ينظر لهذا النوع بـ “جريمة عار”.

تقول منسقة التكتل عفراء الحريري، إن المشروع المتعلق بجرائم الابتزاز الالكتروني، لاقي تجاوبًا سريعًا من قبل النائب العام، الذي وجه بدوره فورًا بتجهيز الشعبة، لتفادي الظاهرة الدخيلة على المجتمع الذي هو أصلًا غير مهيأ لمواجهة هذه الجرائم ولا أيضًا السلطات القضائية والأمنية.
تأسس التكتل المكون من خمسة عشر امرأة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقد نجح في تنفيذ مشروع لتحسين شبكة الصرف الصحي في مديرتي خور مكسر وصيرة. هذا المشروع الذي استهدف عدة مرافق ومنشآت خدمية هامة جاء بعد معاناة من طفح المياه إلى الشوارع الرئيسية، وفقًا لما ذكرته الحريري.

تدخلات سريعة

وإلى جوار “تكتل وهج”، ثمة عشرات التكتلات والشبكات النسوية العاملة في مجالات متعددة تصب كلها نحو تعزيز فرص السلام ودعم النساء للوصول إلى مراكز صنع القرار، كما هو حال تكتل وهج الذي جاء ضمن مشروع مجتمعات فاعلة، بعد خضوع المشاركات في المشروع لجلسات اختيار طويلة ودورات تدريبية مكثفة لتمكينهن سياسيًا ورفع مستوى الوعي المجتمعي في قضايا تخص المرأة، حسبما قالت منسقة التكتل داليا محمد في حديثها لمنصة هودج.

وأضافت داليا أن التكتل حصل خلال فترة بسيطة من إطلاقه، على حاضنة شعبية كبيرة من المجتمع، بفعل سرعة الاستجابة لتنفيذ المشاريع الضرورية، عبر اختيار ثلاثة مستشفيات حكومية في مدينة تعز وأخذ الاحتياجات الملحة من القائمين عليهم وتنفيذها على الفور.
كما نفذ التكتل تدخلًا في تجهيز قسم متكامل بإدارة مبنى البحث الجنائي متخصص للنساء وتدريب شرطيات على جمع الاستدلالات والتحقيقات، وإصلاح حمامات خاصة بالنساء في مكتب التربية والتعليم، في إطار حملة مناصرة لافتقار المكاتب الخدمية بالمدينة لهذا النوع من التدخلات.
div class=”flourish-embed flourish-chart” data- src=”visualisation/18937022″><script src=”https://public.flourish.studio/resources/embed.js”></script><noscript><img src=”https://public.flourish.studio/visualisation/18937022/thumbnail” width=”100%” alt=”chart visualization” /></noscript></div>

ويظهر الرسم البياني التفاعلي، وجود 23 تكتلًا نسويًا متخصصًا في تعزيز السلام أنشئ أغلبهم خلال سنوات الحرب، في سبع محافظات واقعة تحت نفوذ الحكومة المعترف بها، وسط انعدام كلي في مناطق سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثيين.
وحصدت مدينة عدن أعلى معدل لهذه التكتلات والشبكات النسوية بواقع 8 تكتلات، فيما تقاسمت مدينتا تعز ومأرب 8 تكتلات بالتساوي، وتوزعت 4 تكتلات بين محافظات أبين ولحج وشبوة وحضرموت، فضلًا عن وجود ثلاث شبكات نسوية تدار من خارج البلاد.
ولم يظهر الرسم البياني، أي تواجد لهذه النوع من التكتلات في محافظات المهرة وسقطرى والضالع، على غرار المحافظات الأخرى الواقعة تحت نفوذ الحكومة اليمنية، لكن مصادر المجتمع المدني تتحدث عن تواجد عدد من الجمعيات والمؤسسات النسوية غير المتخصصة في هذه المحافظات.

أكبر تجمع نسائي

وتواظب الناشطة البارزة في الحركة النسوية مها عوض، منذ سبع سنوات على عقد قمة نسوية لقرابة 200 امرأة من جميع المحافظات اليمنية، للتشاور حول قضايا رئيسية في البلد الممزق بفعل الحرب، قبل توزيع هذه العريضة إلى الجهات الحكومية والدولية.
وتنتظر هؤلاء النساء بقيادة عوض عامًا كاملًا، للاجتماع مرة أخرى لبحث مستوى تنفيذ الجهات لتوصياتهن الصادرة عن القمة السابقة المركونة في الأدراج، حيث يكررن دون كلل تذكير هذه الجهات بالواجبات المفروض تلبيتها ضمن استحقاقات السلام في عامهن الجديد.

حلول ومعالجات

وشكل فريق نساء تعز من أجل الحياة في مارس/آذار 2018، ضمن مشروع تعزيز دور المرأة اليمنية في عملية السلام والأمن والاستقرار والمرحلة الانتقالية، حيث خضع كغيره من التكتلات المنشئة حديثًا لدورات تدريبية مكثفة، لتعزيز مشاركة النساء في مراكز صنع القرار على المستوى المحلي والوطني.

وانتزع الفريق خلال فترة وجيزة من إطلاقه، مقعدين في الفريق التفاوضي لفتح الحصار عن مدينة تعز الذي كان ذكوريًا خالصًا، بعد سلسلة من حملات المناصرة لفتح الطرق المغلقة من قبل جماعة “أنصار الله” المعروفين بالحوثيين، فضلًا عن اختيار إحدى العضوات ضمن الفريق الاستشاري للمبعوث الأممي إلى اليمن فيما يتعلق بمحافظة تعز.

وتمكن فريق نساء حضرموت لأجل السلام، بقيادة 8 نساء، قبل أكثر من خمس سنوات، في فتح مطار الريان الدولي الذي كان مقرًا عسكريًا لقوات التحالف العربي، وطريق الضبة الشرقية لمدينة المكلا، عبر تنفيذ حملة مناصرة واسعة باستخدام وسائل جديدة، منها الفنون ومنصات الاستماع الإنساني وفتح منصات حوار عبر الانترنت للموجودين خارج المحافظة، بحسب عضوة الفريق أبها باعويضان.

وتطمح باعويضان، كغيرها من الناشطات النسويات في أن يكون لتكتلاتهن دورًا رئيسيًا في رسم مسارات السلام على المستوى الوطني.

وتدافع الناشطة النسوية وداد البدوي عن ضرورة وجود هذه التكتلات لضمان إيصال أصوات النساء التي تنادي بالسلام، وضمان عودتهن إلى الحياة العامة الطبيعية، وإشراكهن في العملية السياسية ومراكز صناعة القرار، في سياق مجتمع تحكمه أحزاب دينية متطرفة وأطراف سياسية لا تؤمن بحقوق المرأة، حسبما قالت.

تدخلات محدودة

وتقتصر التدخلات الحكومية على وضع الخطة الاستراتيجية التي توحد جهود اللجنة الوطنية للمرأة والتكتلات النسائية، وصولًا إلى رسم السياسات للجهات المعنية في الحكومة بما يتناسب مع متطلبات النساء وفيما يخدم قضاياهن، قبل تحديد الاحتياجات اللازمة لتحسين التواجد الحقيقي كموجهات حكومية في السياسات العامة للدولة، وفق رئيس اللجنة الوطنية للمرأة شفيقة الوحش.

وأكدت الوحش في حديثها لمنصة هودج أن أهداف التكتلات واللجنة الوطنية تصب جميعها في قضايا المرأة من تمكين سياسي ومشاركة في المفاوضات، ومواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي، لكن الأزمة الاقتصادية التي تعصف في البلاد تعد تحديًا حقيقيًا في تنفيذ هذه الأهداف.

وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أكدت دراسة بحثية أن الحراك النسوي المتعدد في المحافظات عمل على إعادة ترتيب أولويات المتحاربين لقضايا النساء، بعدما كانت في أسفل سلم أولوياتهم.
وتستبعد رئيس مركز المرأة للدراسات والتدريب، سعاد القدسي، التي كانت تتحدث في الدراسة ذاتها، تمكن النساء من التأثير في مسار الحرب، “لأنهن غير مسلحات ولسن من أشعل فتيل الحرب، وبالتالي لا يستطعن إيقافها؛ بينما الانخراط المباشر في الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب غير مجدي، ومضيعة للوقت والمال”، حد قولها.

نشرت هذه المادة في منصة هودج